يسرا مشرفة قسم الموضوعات العامة+القسم الديني
عدد الرسائل : 4501 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 26/06/2008
| موضوع: الأسطى عزرائيل(توفيق الحكيم) السبت مارس 13, 2010 10:39 pm | |
|
الحياة أقوى من الموت... تلك حقبقة يراها من يتأمل حوادث يوم واحد من أيامه , إن الموت رابض لنا في كل خطوة , ومع ذلك نتفاداه وننجو منه في أغلب الأحيان و نقفز فوق حبائله ؛ لأن يد الحياة تقودنا وتنقذنا ... الموت والحياة يلعبان منذ الأزل لعبة واحدة لا يغيرانها ... هي اللعبة التى يسميها الأطفال "استغماية" ... الحياة والموت أحدهما يختفي للأخر ويتربص به في كل مكان ’ والأخر يقول له : أراك واعرف موضعك ! .. أرواحنا نحن الأدميين المساكين معلقة بكل شيء بأضأل شيء ... إنها معلقة بأرجل الذباب , و إبر البعوض ... و يد سائق السيارة و القطار والطيارة ... بل إنها تهتز وتتأرجح بين أصابع حلاق يتناولك بالتزيين والتجميل و أنت أبعد الناس عن التفكير في شر أو خطر ذهبت في أوائل الصيف أحلق ذقنى عند الحلاق , وانا بالحياة فرح مستبشر... أغنى في أعماق نفسي , وأصغي إلي أغانى الفلاحين , وهم يقودون صفوف الإبل محملة بالبطيخ في أفخر شوارع القاهرة ... وغرقت في المقعد , و أسلمت رأسي للحلاق و أغمضت عينى مستسلما لأعذب الأحلام , مستقبلا بوجهى النسيم الصناعي من المروحة الكهربية ... ووضع الحلاق علي ذقنى الصابون الرطب, فشعرت بمتعة ... وراح يسن الموس حتى لمع نصله , وجاء فأخذ رأسي بين يديه , ثم همس في أذنى قائلا بلهجة غريبة : _لا مؤاخذة!... إنى أتوسم فيك ... فراستى لا تخيب ... لي عندك طلب بسيط... ورفع الموس عن صدغي منتظرا ... فبادرت أقول له _ تفضل ! .. ]فأمسك برأسي و أستأنف الحلاقة وهو يقول : _هل تعرف حضرتك أحدا في مستشفي المجانين؟ . فدهشت ولكنى قلت بهدوء إذا كانت فراستك لا تخيب توسمت انى كنت نزيل الدار فإنى أشكرك ! . فأسرع يقول متأسفا : _ العفو .. العفو ... لم أقصد ذلك ... إنما أردت أن أقول إنى أتوسم فيك حب الخير , و أنك لابد أن تكون صاحب نفوذ , و تعرف أحدا من أطباء المستشفي... _لماذا؟... _لي شقيق مجنون أريد أن أخرجه ... _مجنون؟ ... وهل شفي ؟ ... _إنه لم يكن مجنونا خطرا ؛ ولكنها دعوى باطلة من المستشفي كما تعلم حضرتك ... إنهم دائما يرون حبس الناس بالظلم ... كل ما في الأمر انه أحيانا تتراءى له خيالات , ويتصور تصورات لا ضرر فيها ولا غبار عليها ...فلا هو هاج ولا ماج , ولا صرخ ولا صخب , ولا ضرب ولا بطش , ولا أحدث تلك الغوغاء التى يحدثها المجانين الذين يحبسون في مستشفي المجاذيب ... _عجبا ! ... و ماذا فعل إذن حتى استحق أن يحجز ؟... _ لا شيء يا سيدى ... المسألة بسيطة : شقيقي هذا كان حلاق مثلي ... و كان يشتغل ذات صباح في أمان الله ... و كان الوقت صيفا , والحر يغري بالعطش كما لا يخفي عليك . وكان في يد شقيقي رأس زبون لا يتخير علي حضرتك فشاءت له تخيلاته أن يتخيل رأس الزبون بطيخة ... وكانت في يده الموس فأراد أن يشقها بالطول ... فارتعدت وصحت في الحال : _ يشق ماذا ؟ ... _ يشق البطيخة ... أعنى رأس الزبون !... قالها الحلاق بكل هدوء , وبنبرة طبيعية ... فجمد الدم في عروقي , و كان رأسي وقتئذ في يده والنصل الحاد البراق يمر عند الحلق ... فأمسكت أنفاسي خوفا وجزعا ... ولكنى للم ألبث أن تجلدت وقلت له بوداعة و رفق لأدخل عليه الرضا و علي نفسي الاطمئنان : _ طبعا شقيقك هذا شاذ في العائلة ... فقال بهدوئه المعتاد و نصله فوق حلقي : _ الحقيقة أن هذا شيء في العائلة كلها ... أنا نفسي أحيانا تخطر لي تصورات عجيبة ... خصوصا في موسم البطيخ ... كلام في سرك شقيقي معذور ! ... ولمعت عين الحلاق ببريق عجيب يضاهى بريق النصل الذي فوق حلقي فأيقنت بقرب الساعة , وتشهدت علي نفسى وترحمت ... و أغمضت عينى مستسلما لا للذيذ الأحلام هذه المرة ؛ بل لمجىء الموتت وخروج الروح ... و لم أفتحها إلا علي صوت رشاشة الكولونيا و هي تمطر وجهى ... وعلي صوت الحلاق وهو يقول لي : نعيما ... فانتفضت و نهضت كمن ولد من جديد , ودفعت حسابي والحلاق في أثري يوصينى بشقيقه والتوسط في إخراجه و أنا لا أسمع منه و لا أعي ... و ما أن وضعت قدمى في الطريق حتى تنفست الصعداء , و أقسمت أن أحلق بيدى أو علي الأقل لا أدخل عند هذا الحلاق في موسم البطيخ . | |
|
eng_mody إدارة المنتدى
عدد الرسائل : 3631 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 24/07/2008
| |
يسرا مشرفة قسم الموضوعات العامة+القسم الديني
عدد الرسائل : 4501 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 26/06/2008
| موضوع: رد: الأسطى عزرائيل(توفيق الحكيم) السبت مارس 13, 2010 11:12 pm | |
| ميــــرسي يا مودي وانا بصراحه ما قرتلوش غير روايه واحده فا مش من قراءه اوي علشان احكم علي كتاباته بس واضح ان قريله كتير يعني
| |
|
eng_mody إدارة المنتدى
عدد الرسائل : 3631 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 24/07/2008
| |