مسحراتى مسيحى فى قرية فلسطينية

ليس الغريب أن يخرج 'المسحراتي'، على المسلمين ليبدد سكون الليل بطبلته المعروفة، ولكن الأغرب أن يكون هذا 'المسحراتي'، شابا ينتمي إلى الطائفة المسيحية، كما هو الحال في قرية 'المكر' الفلسطينية الواقعة إلى الشرق من مدينة عكا شمال فلسطين.
ففي تلك القرية التي تبعد 50 كم عن مدينة عكا يمتهن الشاب ميشيل أيوب مهنة المسحراتي، بكل عاداتها القديمة، فيخرج ليلا يجوب حارات وأزقة البلدة بلباس المسحراتي الخاص، حامل بيده طبله، وبالثانية العصا التي يقرع بها، مناديا 'يا نايم وحد الدايم' لإيقاظ النائمين لتناول طعام السحور.
وفي البلدان المسلمة ظلت مهنة 'المسحراتي' حاضرة رغم التقدم التكنولوجي من اختراع 'منبهات' إلكترونية، أبسطها تلك التي تعمل على الهاتف النقال، الذي أصبح أيضاً بإمكانه التنبيه لأوقات الصلاة، من خلال برنامج يذيع الأذان وقت كل صلاة.
ويروي الشاب ميشيل الذي امتهن عملا ظل مقصورا منذ ظهوره على المسلمين أنه بدأ بعمله منذ عامين، ويقول انه 'متشبث بالعادات والتقاليد العربية القديمة'، حيث يخرج فجراً من منزله يرتدي لباس 'المسحراتي' الخاص، وهو عبارة عن قميص طويل على وسطه حزام قماش عريض، وعلى رأسه عمامة مزركشة، ليطوف على منازل القرية، قارعاً طبله، وينادي على النائمين للقيام من السبات لتناول وجبة السحور والتهيؤ ليوم صيام جديد.
وبلال بن رباح هو أول 'مسحراتي' عرفه المسلمون، حين كان يخرج في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ينادي على الناس للقيام من النوم، لتناول وجبة السحور.
ويقول 'المسحراتي' ميشيل انه لا يمل وهو ينتقل خلال عمله الذي يمتد من أول يوم إلى آخر يوم من شهر رمضان بين حواري وأزقة البلدة.
وفي مقابلة أجريت معه يقول ميشيل 'أعتز وأحترم أهلي واخواني المسلمين فعيدهم هو عيدي والعكس صحيح، فهذا ما أشعر به وقد قررت منذ العام الماضي أن آخذ بيدي مهمة المسحراتي بقريتي المكر، تطوعا لإخواني المسلمين ولأشعر معهم وأشعرهم بميزات الشهر العظيم'.
وكما يشعر المسلمون بفرح عند حلول رمضان، يشعر ميشيل أيضاً، ويقول ان قدومه يضفي عليه فرحا كبيرا، وانه أيضاً يشعر بالحزن عند انتهائه.
ويوضح أن عمله في مهنة المسلمين جاءت بهدف 'التقارب' بين الديانتين، كون أنه يرى أن 'السياسة والعائلية' فرقت بين الشباب المسلمين والمسيحيين، ويقول ان 'جميع الديانات تعبد ربا واحدا'، وهو المنطلق الذي دفعه للقيام بهذه المهنة.
الشاب ميشيل المسيحي يروي أيضاً أن مسلمي قريته يرحبون به صغاراً وكباراً، ويدعون له، وهو أمر يقول انه يحقق له 'متعة لا توصف'. ويذكر أنه يحلم بـ'إقامة لجنة شبابية تنشئ صندوقا خاصا لتقديم المساعدة لمحتاجي القرية من الطائفتين'.
و'مسحراتي' رمضان هو الرابط الوحيد الذي يجمع عليه المسلمون في شتى أرجاء المعمورة، رغم اختلاف عاداتهم في الطعام وأداء المناسك الخاصة بكل قطـر، وتظل كلماته التي ينادي بها للسحور متشابهه في كثير من البلدان، سواء من موشحات دينية، أو جملته المعهودة 'إصحى يا نايم وحد الدايم، رمضان كريم'.
وأكثر من يجذب لـ 'المسحراتي'، في البلدان الإسلامية هم الصغار، الذين يستيقظون فجراً للتدرب على طقوس جديدة، وكان هؤلاء الأطفال في القدم يخرجون يحملون 'فوانيس رمضان'، ليقدموا طعام السحور لهذا الرجل الذي يبدد كون الليل.
القدس العربي

(انك لا تهدى ن احببت و الله يهدى من يشاء )
شكرا محبه على الموضوع دا

موضوع رائع
شكرا محبة الله