السؤال الجدلي حول منشأ الأكراد الذي كان ولايزال موضوعاً ساخناً للنقاش يدور حول فرضيتين:
- جذور الأكراد نشأت من الشعوب الهندو - أوروبية [4] [5] [6].
- جذور الأكراد نشأت من شعب مستقل ليست هندية ولا أوروبية. و تسمى شعوب "جبال زاكروس" التي كانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ وهم شعوب "لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاساي، سوباري، خالدي، ميتاني، هوري، نايري" وإنظم إلى هذا الشعب حسب اعتقاد هذا التيار الشعوب الهندو- أوربية التي هاجرت إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كردستان مع شعوبها الأصلية وهم " الميديين و الكاردوخيين" [7] [8].
]
من المفارقات في تأريخ هذا الجدل أن الغرض الأساسي منه لم يكن أكاديمياً بل سياسياً، حيث كان الهدف منه إثبات أن منشأ الأكراد يرجع إلى مناطق خارج بعض الدول التي يستوطنوها في الوقت الحاضر، ونتيجة لإنعدام الغرض العلمي في هذه المناقشات غير المثمرة فقد نشأت ثلاث تيارات فكرية:
- تيار مكون من القوميين العرب، وأصحاب حضارة وادي الرافدين القديمة، وبعض المستشرقين و المؤرخين مقتنعون بأن أصول الأكراد هندوأوروبية وأنهم قدموا من مناطق خارج البقعة الجغرافية التي يقطنونها حالياً.
- تيار مكون من القوميين الأكراد مقتنعون بأنهم شعب مستقل بذاته، ولهم خصائص تميزهم عن بقية الشعوب، وقد حافظوا على جميع مظاهر هذه الخصوصية من الزي، واللغة، والعادات، والتقاليد، وعلى الرغم من التشابه في بعض النواحي اللغوية مع الشعوب المجاورة، ويورد الأكراد الاحتفال بعيد نوروز كمثال فعلي الرغم من احتفال الشعوب المجاورة بهذا العيد؛ إلا أن الأكراد لهم مفهوم مختلف تماماً عن هذا العيد مقارنة بمفهوم إيران و أفغانستان و ألبانيا و باكستان لهذا العيد.
- تيار مكون من الأكراد أنفسهم مقتنعون بأن أصول الأكراد هندوأوروبية وهذا التيار نشأ كردة فعل لما اعتبره هذا التيار تهميشاً و محاربة من قبل الشعوب المجاورة فولد هذا التيار الذي يحاول إرجاع أصول الأكراد إلى عروق آرية، أو أوروبية.
لاتباع المنهج الأكاديمي في البحث عن جذور الأكراد لجأ الباحثون و علماء الآثار إلى البحث عن شعوب قديمة في المناطق التي كانت مسكونة من الأكراد منذ القدم، وفكرة البحث كانت التعرف على الشعوب التي كانت مستقلة من ناحية اللغة، و كانت تربط أفرادها خصائص مشتركة تميزهم عن بقية الشعوب المعروفة في بلاد ما بين النهرين، وتم من خلال هذه الأبحاث التعرف على بعض الشعوب التي
قد تكون عبارة عن الجذور القديمة للأكراد، وهذه الشعوب هي:
- الشعب الذي سكن منطقة تل حلف، التي كانت موقعاً للمدينة-الدولة الآرامية غوزانا وتقع هذه المنطقة شمال شرق سوريا، في محافظة الحسكة ويعود تأريخها إلى العصر الحجري الحديث وتقع بالقرب من نهر الخابور [9]. توجد مخطوطات في أرشيف الملك الآشوري عداد نيراري الثاني أن هذه المدينة - الدولة كانت مستقلة لفترة قصيرة إلى أن سيطرت عليها الملكة الآشورية سمير أميس [10] في سنة 808 قبل الميلاد.
- الهوريون، أو الشعب الهوري الذي كان يقطن شمال الشرق الأوسط في فترة 2500 سنة قبل الميلاد، و يعتقد أن أصولهم كانت من القوقاز، أو مايسمى القفقاز، التي هي منطقة آسيو - أوروبية بين تركيا و إيران و البحر الأسود و بحر قزوين، وسكنوا أيضاً بالقرب من نهر الخابور، وشكلوا لنفسهم ممالك صغيرة من أهمها مملكة ميتاني في شمال سوريا عام 1500 قبل الميلاد [11] [12]. ويعتقد أن الهوريون انبثقوا من مدينة أوركيش التي تقع قرب مدينة القامشلي في سوريا . استغل الهوريون ضعفاً مؤقتاً للبابليين فقاموا بمحاصرة بابل والسيطرة عليها في فترة 1600 قبل الميلاد، ومن هذا الشعب انبثق الميتانيون، أو شعب ميتاني، ويعتبر المؤرخ الكرديمحمد أمين زكي (1880 - 1948) في كتابه "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" شعبي هوري و ميتاني من الجذور الأولى للشعب الكردي . كانت نهاية مملكة شعب هوري على يد الآشوريين [13].
- ذكر المؤرخ اليوناني زينوفون (427 - 355) قبل الميلاد في كتاباته شعباً وصفهم "بالمحاربين الأشداء ساكني المناطق الجبلية"، وأطلق عليهم تسمية الكاردوخيين الذين هاجموا على الجيش الروماني أثناء عبوره للمنطقة عام 400 قبل الميلاد، وكانت تلك المنطقة استناداً لزينوفون جنوب شرق بحيرة وان الواقعة في شرق تركيا [14]. ولكن بعض المؤرخين يعتبرون الكاردوخيين شعوباً هندوأوروبية اظمت لاحقاً إلى الشعب الكردي الذي باعتقاد البعض يرجع جذوره إلى شعوب جبال زاكروس الغير هندوأوروبية.
كما ان في قصص الانبياء ان الاكراد هم من اصول( ارية) اي أبناء
اري و اري هو ابن نوح علية السلام
[تحرير] الإمبراطوريات و الإمارات الكرديةاستناداً إلى د.زيار في كتابه "إيران...ثورة في انتعاش"، والذي طبع في نوفمبر 2000 في باكستان [15]، فإنه بحلول سنة 1500 قبل الميلاد هاجرت قبيلتان رئيسيتان من الآريين من نهر الفولغا شمال بحر قزوين واستقرا في إيران، وكانت القبيلتان هما الفارسيين و الميديين. أسس الميديون الذين استقروا في الشمال الغربي مملكة ميديا. وعاشت الأخرى في الجنوب في منطقة أطلق عليها الإغريق فيما بعد اسم بارسيس، ومنها اشتق اسم فارس. غير أن الميديين و الفرس أطلقوا على بلادهم الجديدة اسم إيران، التي تعني "ارض الآريين" [16].
هناك اعتقاد راسخ لدى الأكراد أن الميديين هم أحد جذور الشعب الكردي، و تبرز هذه القناعة في ما يعتبره الأكراد نشيدهم الوطني، حيث يوجد في هذا النشيد إشارة واضحة إلى أن الأكراد هم "أبناء الميديين"، واستناداً إلى المؤرخ الكردي محمد أمين زكي (1880 - 1948) في كتابه "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" فإن الميديون وإن لم يكونوا النواة الأساسية للشعب الكردي فإنهم انظموا إلى الأكراد و شكلوا حسب تعبيره "الأمة الكردية".
يستند التيار المقتنع بأن جذور الأكراد هي جذور آرية على جذور الميديين، حيث أن هناك إجماعاً على أن الميديين هم أقوام آرية. استناداً إلى كتابات هيرودوت فإن أصل الميديين يرجع إلى شخص اسمه دياكو الذي كان زعيم قبائل منطقة جبال زاكروس، وفي منتصف القرن السابع قبل الميلاد حصل الميديون على استقلالهم وشكلوا
إمبراطورية ميديا، وكان فرورتيش (665 - 633) قبل الميلاد أول امبراطور، و جاء بعده ابنه هووخشتره. وبحلول القرن السادس قبل الميلاد تمكنوا من إنشاء امبراطورية ضخمة امتدت من ما يعرف الآن باذربيجان، إلى آسيا الوسطى و افغانستان . اعتنق الميديون الديانة الزردشتية، وتمكنوا في 612 قبل الميلاد من تدمير عاصمة الأشوريين في نينوى. ولكن حكمهم دام لما يقارب 50 سنة حيث تمكن الفارسيون بقيادة الملك الفارسي كورش بالإطاحة بالميديين و كونوا مملكتهم الخاصة (الامبراطورية الاخمينية) [17].
يعتبر بعض المؤرخين مملكة كاردوخ التي تم السيطرة عليها من قبل الامبراطورية الرومانية عام 66 قبل الميلاد، وحولوها إلى مقاطعة تابعة لهم كثاني كيان كردي مستقل؛ حيث كانت هذه المملكة مستقلة لفترة مايقارب 90 سنة من 189 إلى 90 قبل الميلاد، حيث سيطر عليهاالأرمينيون ثم الرومان، و الفرس بعد ذلك، ويعتبر بعض المؤرخين الكاردوخيين أقوام انظموا إلى الشعب الكردي مع الميديين وشكلوا معاً الأمة الكردية.
بعد سقوط هاتين المملكتين تشكلت عدة إمارات كردية و كانت حدود و مدى استقلالية هذه الإمارات تتفاوت حسب التحالفات و الضغوط الخارجية و الصراعات الداخلية ومن الأمثلة على هذه الإمارات: الحسنوية البرزكانية و الشدادية و الدوستكية المروانية و العنازية وامارة اردلان و امارة سوران و امارة باهدينان و امارة بابان.